- بسم الله الرحمن الرحيم -
الحمد لله البارئ المصور الخلاق الوهاب الفتاح الرزاق المبتدئ بالنعم قبل الاستحقاق، وصلاته وسلامه على رسوله الذي بعثه ليتمم مكارم الأخلاق، وفضله على كافة المخلوقين على الإطلاق، حتى فاق جميع البرايا في الآفاق، وعلى آله الكرام الموصوفين بكثرة الإنفاق، وعلى أصحابه أهل الطاعة والوفاق، صلاة دائمة مستمرة بالعشي والإشراق، آمين.
أما بعد، فاعلم أن كتاب الجامع الصحيح للإمام الكبير الأوحد مقدم أصحاب الحديث أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري رحمه الله تعالى، من أعظم الكتب المصنفة في الإسلام وأكثرها فوائد. إلا أن الأحاديث المتكررة فيه متفرقة في الأبواب، وإذا أراد الإنسان أن ينظر في الحديث في أي باب لا يكاد يهتدي إليه إلا بعد جهد وطول فتش. ومقصود البخاري رحمه الله تعالى بذلك كثرة طرق الحديث وشهرته، ومقصودنا هنا أخذ أصل الحديث لكونه قد علم أن جميع ما فيه صحيح. قال الإمام النووي في مقدمة كتابه شرح مسلم: وأما البخاري فإنه يذكر الوجوه المختلفة في أبواب متفرقة متباعدة، وكثير منها يذكره في غير بابه الذي يسبق إليه الفهم أنه أولى به، فيصعب على الطالب جمع طرقه وحصول الثقة بجميع ما ذكره من طرق الحديث. قال: وقد رأيت جماعة من الحفاظ المتأخرين غلطوا في مثل هذا، فنفوا من رواية البخاري أحاديث هي موجودة في صحيحه في غير مظانها السابقة إلى الفهم. انتهى ما ذكره النووي رحمه الله تعالى.
فلما كان كذلك أحببت أن أجرد أحاديثه من غير تكرار. وجعلتها محذوفة الأسانيد ليقرب انتوال الحديث من غير تعب. وإذا أتى الحديث المتكرر أثبته في أول مرة، وإن كان في الموضع الثاي زيادة فيها فائدة ذكرتها، وإلا فلا. وقد يأتي حديث مختصر ويأتي بعد في رواية أخرى أبسط وفيه زيادة على الأول، فأكتب الثاني وأترك الأول لزيادة الفائدة وإن بعد. ولا أذكر من الأحاديث إلا ما كان مسندا متصلا. وأما ما كان مقطوعا أو معلقا فلا أتعرض له. وكذلك ما كان من أخبار