فاطمأن جلال الدين إلى جيشه، وأرسل رسالة إلى جنكيز خان في الطالقان يدعوه إلى قتال جديد، ولأول مرة يشعر جنكيز خان بالألم، فجهّز جيشاً أكبر، وأرسله مع أحد أبنائه لقتال المسلمين، وتجهّز الجيش المسلم، والتقى الجيشان في مدينة كابل الأفغانية، وهي مدينة حصينة جداً، فهي تُحاط من كل جهاتها تقريباً بالجبال، ففي شمالها جبال هندكوش الشاهقة، وفي غربها جبال باروبا ميزوس، وفي جنوبها وشرقها جبال سليمان، ودارت موقعة كابل الكبيرة، وكان القتال عنيفاً جداً وأشد ضراوة من موقعة غزنة، وثبت المسلمون وحققوا نصراً غالياً ثانياً على التتار، وأنقذوا عشرات الآلاف من الأسرى المسلمين من يد التتار، فارتفعت معنويات المسلمين جداً، وفرح المسلمون جداً وفرحنا، وقلنا: إن هاتين الموقعتين كانتا نهاية لأحزان وآلام المسلمين، لكن بقيت في القصة مفاجأة عجيبة وقاسية، يعدها البعض نعمة وهي في الحقيقة نقمة، فقد حدث شيء أعاد الكرة للتتار وأضاع النصر من المسلمين، فيا ترى ما هو هذا الشيء؟ وما هذه المفاجأة؟ وما هو مصير جلال الدين بن محمد بن خوارزم؟ وما هو مصير أفغانستان؟ وما هو رد فعل العالم الإسلامي لسقوط دولة خوارزم الكبرى بكاملها؟ هذا ما سنعرفه وغيره إن شاء الله في المحاضرة القادمة.
أسأل الله عز وجل أن يفقهنا في سننه، وأن يجعل لنا في التاريخ عبرة، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.