بعد أن اطمأن جنكيز خان إلى هروب محمد بن خوارزم زعيم البلاد باتجاه الغرب بدأ يبسط سيطرته على المناطق المحيطة بسمرقند، ووجد أن أعظم الأقاليم وأقواها في هذه المناطق هو إقليم خوارزم وإقليم خراسان.
فأما إقليم خراسان فقد كان إقليماً شاسعاً، فيه مدن عظيمة كثيرة جداً، ومن أشهرها بلخ ومرو ونيسابور وهراة وغزنة وغيرها، وهو الآن يقع في شرق إيران وشمال أفغانستان.
وأما إقليم خوارزم فقد كان نواة الدولة الخوارزمية، واشتهر بالقلاع الحصينة والثروة العددية والمهارة القتالية، فقد كان المنبع الذي قامت منه الدولة الخوارزمية، وكان يقع إلى الشمال الغربي من سمرقند، ويمر به نهر جيحون، وهو الآن في دولتي أوزبكستان وتركمانستان.
فأراد جنكيز خان القيام بحرب معنوية تؤثر في نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذين الإقليمين العملاقين، فقرر البدء بعمليات إبادة وتدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في هذين الإقليمين الكبيرين، فأخرج من جيشه ثلاث فرق: فرقة لتدمير إقليم سرغانة، وهو في أوزبكستان الآن على بعد حوالي 500 كيلو متر شرق سمرقند، وأرسل فرقة لتدمير مدينة ترمذ، وهي في تركمانستان الآن، وهي مدينة الإمام الترمذي صاحب السنن رحمه الله، وهو على بعد حوالي 100 كيلو متر جنوب سمرقند، وأرسل فرقة لتدمير قلعة كلابة، وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر جيحون، فقامت الفرق الثلاث بدورها التدميري كما أراد جنكيز خان، واستولت على كل هذه المناطق، وقامت فيها بالقتل والأسر والسبي والنهب والتخريب والحرب مثلما اعتاد التتار أن يفعلوا، ووصلت الرسالة التترية إلى كل الشعوب المحيطة، وكانت الرسالة تقول: التتار لا يرتوون إلا بالدماء، لا يسعدون إلا بالخراب والتدمير، التتار لا يهزمون، فعمّت الرهبة في أرجاء المعمورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.