دخل قطز رحمه الله دمشق في يوم (30) رمضان كما ذكرنا، وعلقت الزينات في الشوارع، وخرج الرجال والنساء والأطفال يستقبلون البطل المظفر، وكانت بالفعل أشد لحظات الفرح للمسلمين منذ أربعين سنة، وهذه هي الفرحة الحقيقية، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58] فهي فرحة النصر بدين الله عز وجل، وفرحة الرفعة للإسلام والعزة للمسلمين، وهذه الفرحة لا تقارن أبداً بفرحة الطعام والشراب والمال والجاه والسلطان، وكل أنواع الفرحة في الدنيا، فهي فرحة عزة للإسلام، لا تقارن بغيرها من الأفراح.
دخل الجيش المملوكي دمشق، واستتب الأمن الحقيقي بسرعة عجيبة، ولم يكن الوضع مثل ما يحدث عند دخول المستعمرين البلاد من عموم الفوضى، وترك الحبل على الغارب، وانتهاك الحرمات أمام الأعين، وانتهاب المحلات والديار، فلم يحدث شيء من هذا، وإنما استقر الوضع حقيقة وبسرعة، بل أمن النصارى واليهود على أرواحهم وأموالهم.