كان مغيث الدين عمر رجلاً ضعيفاً جداً، ومع ذلك كان صاحب أطماع أكبر من حجمه، فتقدم بجيشه ناحية مصر، ووصل إليها في ذي القعدة سنة (655) من الهجرة، وحاول غزوها، فخرج له قطز رحمه الله وهزمه هزيمة منكرة، فرجع مغيث الدين والأحلام تراوده بغزو مصر من جديد، فعاد مرة أخرى في ربيع الآخر سنة (656) من الهجرة، يعني: بعد عدة أشهر من الهزيمة الأولى فهزم مرة ثانية.
وهنا أمر خطير جداً، فالغزوة الثانية التي حاول فيها المغيث عمر الأيوبي أن يغزو مصر كانت في ربيع الآخر سنة (656) من الهجرة، بعد سقوط بغداد بشهرين فقط، فبدلاً من توجيه كل الطاقة إلى قضية التتار، إذا به يتوجه لحرب المسلمين! وهذا هو مرض الحول السياسي الذي أشرنا إليه من قبل، فـ مغيث الدين هذا كان مسكيناً مصاباً بهذا المرض الخطير.
سقطت بغداد في صفر سنة (656) من الهجرة، وبدأ هولاكو في الإعداد لغزو الشام، وحاصر ابنه أشموط ميافارقين بداية رجب سنة (656) من الهجرة، وبدأ هولاكو في التحرك من فارس إلى الشام مروراً بشمال العراق في سنة (657) هجرية، واحتل نصيبين والرها والبيرة، وكل هذه المدن في جنوب تركيا كما ذكرنا قبل ذلك، واقترب من حلب، وأصبح واضحاً أن هولاكو لن يهدأ حتى يسقط الشام بكامله، وبعد الشام لابد أن تكون الخطوة التالية هي مصر.