قصة المماليك

المماليك في اللغة العربية: هم العبيد أو الرقيق، ولفظ المماليك بهذا التعريف يعتبر عاماً على معظم الرقيق، ولكن لفظ المماليك اتخذ مفهوماً اصطلاحياً في التاريخ الإسلامي، فعندما نقول: المماليك فلا نقصد بها كل الرقيق، لا، وإنما نقصد بها طائفة معينة من الرقيق.

وإذا أردنا أن نعرف قصة المماليك فلنعد إلى الوراء قليلاً، إلى أيام الخليفة العباسي المشهور المأمون الذي حكم من سنة (198) من الهجرة إلى سنة (218) من الهجرة، يعني: (20) سنة، وإلى أيام أخيه المعتصم الذي جاء بعده، وحكم من سنة (218هـ) إلى سنة (227هـ)، يعني: تسع سنوات، ففي فترة حكم هذين الخليفتين اجتلبا أعداداً ضخمة من الرقيق، عن طريق الشراء من أسواق النخاسة، واستخدموا هؤلاء المماليك كفرق عسكرية؛ بهدف الاعتماد عليهم في تدعيهم النفوذ، ومع مرور الوقت أصبح المماليك هم الأداة العسكرية الرئيسية، وأحياناً الوحيدة في كثير من البلاد الإسلامية، وأمراء الدولة الأيوبية بالذات كانوا يعتمدون على المماليك في ترسيخ الحكم وتدعيمه في البلاد التي يحكمونها، وكانت أعداد المماليك محدودة إلى حد ما في كل فترات الدولة الأيوبية، إلى أن جاء الملك الصالح نجم الدين أيوب رحمه الله وحدثت فتنة خروج الخوارزمية من جيشه، فاضطر رحمه الله إلى الإكثار من المماليك؛ حتى يقوي جيشه ويعتمد عليهم، وبذلك تزايدت أعداد المماليك جداً، وبالذات في مصر التي هي مقر حكم الملك الصالح أيوب رحمه الله.

وكان المصدر الرئيسي للمماليك هو إما بالأسر في الحروب، أو الشراء من أسواق النخاسة، وكان المسلمون يشترون المماليك من أسواق النخاسة المنتشرة في بلاد ما وراء النهر -نهر جيحون-، وهو نهر يجري شمال تركمانستان وأفغانستان، ويفصل بينهما وبين أوزباكستان وطاجاكستان، والأعراق التي تعيش خلف هذا النهر في الغالب أعراق تركية، وكانت هذه المنطقة مسرحاً دائماً للقتال وعدم الاستقرار، ولذلك كثر الأسرى القادمون من هذه المناطق، وكثرت أسواق الرقيق هناك، وكان من أشهر مدن الرقيق في ذلك الوقت مدينة سمرقند، وفرغانة، وخوارزم وغيرها من المدن الإسلامية، وهناك مماليك من أصول أرمينية ومغولية وأوروبية، فكان على مدار عشرات ومئات السنين يؤتى بالمماليك من هذه البلاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015