إذا كنا نفهم الخزي والعار الذي كان عليه أمير الموصل وأمراء السلاجقة، فإننا لا نستطيع أن نتخيل الخزي والعار الذي وصل إليه الناصر يوسف الأيوبي حاكم حلب ودمشق، فقد كانت تربطه بـ الكامل محمد علاقات في منتهى الأهمية فوق علاقات الدين والعقيدة، والجوار، وبينهما علاقات إستراتيجية هامة جداً، فإمارة ميافارقين تقع شمال شرق حلب، ولو سقطت فإن الخطوة القادمة للتتار مباشرة حلب، وفوق كل هذه الأمور فهناك علاقات الدم والرحم، فكلا الأميرين من الأيوبيين، وعهدهما قريب جداً بجدهما البطل الإسلامي العظيم صلاح الدين الأيوبي، فلم يمر على وفاته إلا (70) سنة فقط، فقد توفى سنة (589هـ)، ووقفاته ضد أعداء الأمة لا تنسى، فكيف يكون الحفيد الناصر يوسف بهذه الصورة المخزية؟ فليس هناك للناصر يوسف أي مبررات للتخاذل عن نصرة ميافارقين، لا من ناحية الشرع ولا من ناحية العقل.
سبحان الله، {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:8].
طلب الأمير الكامل محمد رحمه الله من الناصر يوسف الأيوبي إمداده، بالغذاء والسلاح والأدوية الكافية لشعب ميافارقين، فقد تضرروا من الحصار، ولكن الناصر يوسف الأيوبي رفض رفضاً قاطعاً صريحاً، ولم يتردد أو يفكر، فقد باع كل شيء واشترى ود التتار، وما علم وقت أن فعل ذلك أن التتار لا عهد لهم ولا أمان، حتى لو صدق التتار في عهودهم أيبيع المسلمين للتتار ولو بكنوز الدنيا؟! ولكنه هكذا فعل.