عادت إلى كمالها ولكن غُيّرت لمعنى لا يُؤَثِّر في إِزالةِ حرفِ الإِعرابِ.
الرّابع: أنّ هذه الحروفَ موجودةٌ في الإِضافة طرفاً، ولا تَخلو من أن تكون زائدةً أو إِعراباً أو حروفَ إعرابٍ، لا وجه إلى الأوّل، لأنَّ حكمَ الزائدِ أنّه إذا حُذِفَ لم يَخْتَلَّ به معنى، وثُبوت هذه الحروف على اللُّغة المشهورة إذا حُذِفَتْ لم يبقَ معناها ولا وجهَ إلى الثَّاني، لأنَّ الإِعرابَ إمّا حركةً وإمّا مَعنى تَدُلُّ عليه الحَرَكَةُ وكلاهُما إذا حُذِفَتْ لا يَبْطُلُ معنى الكَلِمَةِ، وإنَّما يَبْطُلُ المعنى الذي يدلّ عليه الإِعراب، وإذا بطلَ القسمان ثبتَ كونُها حروفَ إعرابٍ، والدَّلالة على أنّ الإِعرابَ مقدَّرٌ فيها أنّ حرفَ الإِعرابِ في الأسماءِ لا يَعرّى من الإِعرابِ لفظاً أو تقديراً، لأنّه دالٌ على معنى فوجبَ أن يثبتَ لِيَحصلَ مدلولُه، فإذا لم يَكُن في اللَّفظِ ظاهراً كان مُقدّراً كالأسماءِ المقصورةِ، والمانع من ظهورِه قائمٌ.
فإِن قيلَ: لا يستقيمُ هنا تقدير الإِعرابِ وذلك أنّ الواو في حالِ الرّفع ساكنةٌ ولم تُقلب حتّى يقدّر الإِعراب على ما تَنْقَلِبُ إليه، وفي النَّصبِ والجَرِّ تحرَّك الحرفُ بحركةِ الإِعرابِ، فانقلب ألفاً أو ياءً، فالموجبُ للانقلابِ حركةُ الإِعراب، فكيفَ تقدّر بعدَ وجودِ عَمَلِها؟.
فالجوابُ أنّ الحركةَ على أصلِ هذه الحروف حركةٌ مطلقةٌ غيرُ معيّنةٍ، فكان الانقلابُ بكونها مُطلقةً، ولمّا انقلبت قدَّرنا عليه الحركات المُعيّنة، فالمقدَّرُ غير الذي أوجبَ الانقلابَ، وهذا يبيّن لك في المقصور نحو العَصا والرَّحى فإنَّ الانقلاب فيهما كانَ بالحركةِ من حيثُ هي مطلق الحركة لا بكونها ضمَّة وأُختيها، إِلاَّ أنَّها في الرَّفع يقدَّر على الواو السّاكنة ضمّة، كما يقدّر على الواو في ((يعَزو)) وكما يقدّر على الألف في ((العَصَا))؛ لأنَّ المانع من ظُهورِ الضَمَّة ثقلها على الواو، وهذا المعنى مَوجودٌ في