وأمّا الجوابُ عن المذهب الأخير فيتحقّق ببيان فسادِ ما استدلَّ به فمن ذلك وقوعها رَوِيّاً، وعنه ثلاثة أجوبة:
أحدُها: أنَّه من غلظِ طَبع الشَّاعر، ألا تَرى أنّ باب الإِقواءِ جائزٌ في الشّعرِ مثل أن يجعل النون رويّاً في بيت بعده كقولِ الشَّاعر:
بُنيّ إِنَّ البِرَّ شيءُ هَيِّنٌ ... المَنْطِقُ الطَّيبُ والطُّعَيِّمُ
والجوابُ الثاني: أنّ ذلك جاء على لغة من لم يُبدل من التّنوين ألفاً في النَّصبِ كقول الأعشى:
وآخُذُ مِنْ كلِّ حيِّ عُصُمْ
والأصلُ عُصُماٌ.
والجوابُ الثالث: أنّ الألفَ المُبدلة تُشبه الألف التي هي لامُ والشَّبه بينَ الشَّيئين قد يَجذِبُ أحدُهما إلى الآخر، كقولهم: مررتُ بزيدٍ الضَّاربِ الرجلِ بالجرِّ حَملاً على قولك: مررتُ بالرّجلِ الحَسن الوجه، وهذا اتّفاق