فالخفيفُ ما قلَّت مدلولاته ولوازِمُه، والثَّقل ما كثُر ذلك فيه. فخفّة الاسم أنّه يدلّ على مُسمّى واحدٍ، ولا يلزمه غيره في تحقّق معناه، كلفظة رجل فإنّ معناها ومُسمّاها الذّكر من بني آدم، والفَرس هو الحَيوان الصَهّال، ولا يقترن بذلك زمانٌ ولا غيره، ومعنى ثقل الفعل أنّ مدلولاته ولوازمه كثيرة، فمدلولاته الحَدث والزَّمان، ولوازمه الفاعل والمفعول والتَّصرُّف وغير ذلك.
وإذا تقرّر هذا فالفرق بينهما غير معلوم من لفظهما، فوجب أن يكون على ذلك دليلٌ من جهة اللّفظ والتّنوين صالحٌ لذلك، لأنّه زيادةٌ على اللّفظ والزّيادة ثِقَلٌ في المزيد عليه والاسمُ يَحتمل الثّقل؛ لأنّه في نفسه خَفيف في نَفسه ثقيلٌ، فلا يحتمل التَّثقيل، وهذا معنى ظاهرٌ فكان هو الحكمة في الزيادة.
وقولُ الفرّاء إن حُمل على معنى صَحيحٍ فمراده ما ذكرناه ولكنّ العبارة رَكيكةٌ، وإن حمل على ظاهر اللّفظ كانت تعليلَ الشّيءِ بنفسه؛ لأنّه يَصيرُ إلى قولك التَّنوين يفرق به بين ما ينوّن وبين ما لا ينوّن وذا تعليل الشيء بنفسه.
وأمّا مَن قالَ: فرق به بين الاسم والفعل فلا يصحّ لأوجه: