والمصدَرِ، والتَّشديدُ للتَّكثير، وأَدنى التَّكثير الجُملةُ المفيدةُ.
وأمَّا كلَّمتُ فمشدَّدُ أيضاً، وهو دليلُ الكثرةِ، ومصدَرُهُ التَّكليم، التاء والياء فيه عوض عن التَّشديد.
والخامس: أنَّ الأحكامَ المُتَعَلّقة بالكلام لا تَتَحقّق إلاّ بالجملة المُفيدة، فمن ذلك قوله تعالى: {وإِنْ أَحَدُ من المُشرِكِيْنَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَهِ}. ومعلومُ أنَّ الاستجارة لا تَحصُلُ إلاّ بعدَ سماعِ الكلامِ التامِّ المَعنى، والكلمةُ الواحدةُ لا يَحصُلُ بها ذلك. وكذلك قولُه تَعالَى: {يُرِيدُون أَنْ يُبَدِّلُوا كلامَ اللَهِ} والتَّبديلُ صرفُ مايَدُل عليه اللّفظ إلى غيرِ معناه، ولا يَحصُلُ ذلك بتَبديلِ الكلمةِ الواحدةِ، لأنَّ الكلمةَ الواحدةَ إذا بُدّلت بغيرها كان ذلك لغةٍ إلى لغةٍ أُخرى وقالَ تَعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيْقُ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوْهُ}،وإنَّما عَقلوا المَعنى التَّامّ ثُمَّ حرَّفوه عن جهته، ومثله قوله تعالى: {يُحرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}، ومن ذلك تعليقُ اليَمِينِ بسَمَاعِ الكلامِ، فإنَّه لو قال: والله لا سمعتُ كلامَك فَنَطَقَ بلفظةٍ واحدةٍ ليس فيهَا معنى تَامُّ لم يَحنَث.