ذُكر فليس بشيءٍ، وذلك أن الحالَ لا تخلو، إما أن يلزمها الضمير، أو لا يلزمها، فإن لزمها وجبَ أن يعودَ على مذكورٍ، والمذكورُ يكونُ مظهراً ومضمراً، وأيُّهما كانَ فليسَ بمانعٍ، وإنْ لم يكنْ لازِماً فقولوا ليس في ((راكباً)) إذا تقدَّم ضَمِيرٌ.
واحتجَّ الآخرون: بأنَّ الحالَ صفةُ في الأصلِ، فيلزمُها الضَّمير، فَتَقْدِيْمُها يُفضي إلى تَقْدِيْمِ المُضْمَرِ على المُظْهَرِ، وتقدِيْمِ الصّفةِ على المَوْصُوفِ وكلاهما يَمتنع، كما يَمْتَنِعُ ضَرَبَ غُلامُهُ زَيْداً.
والجَوابُ: أمَّا تقديمُ المُضمرِ على المُظهرِ فجائزٌ إذا كانَت النِيّة به التَّأخير كما قالَ تَعالى: {فأَوجسَ في نفسِهِ خيفةً مُوسى} وكما قالَ زهيرُ:
مَنْ يَلْقَ يَوْماً عَلَى عِلاَّتِهِ هَرِماً ... يَلْقَ السَّماحَةَ مِنْهُ والنَّدَى خُلُقَا
وكما قالوا: ((في أكفانه لُفَّ المَيّتُ))، و ((في بَيْتِهِ يُؤْتَى الحَكَمُ)) وأمَّا تقديمُ الصّفةِ على الموصوفِ فإنَّما يَمْتَنْعُ في الصّفةِ التَّابِعَةِ للمَوْصُوفِ في الإِعرابِ مِثلُ: جاءَني زيدٌ الظَّريفُ، ولو قلت جاءني الظريفُ زيدٌ على الوَصف لم يَجُزْ، والحالُ صفةٌ في المعنى، لا في اللَّفظِ، ولذلك يَجوزُ تقديمُ صفةِ النَّكرةِ عَلَيها فتَصِيرُ حالاً. والله أعلمُ بالصَّوابِ.