فيمتنع وأكثرُ ما في هذا القَولِ أنَّ الواوَ بمعنى ((مع))، والحروفُ لا تَعمل بالمَعاني كما في حروفِ الاستفهام والنّفيِ، ولم يبقَ في الواوِ معنى العَطف، ألا تَرى أنك إذا قلت: ((قُم أنتَ وزيدٌ)) كان المَعنى أنّك آمرٌ لهما، وإذا قلتَ: قم أَنت وزيداً كنتَ آمراً للمُخاطَب دونَ زيدٍ، وإنّما أَمرته بِمُتَابَعَةِ زيدٍ حتى لو لَم يَقُمْ زيدٌ لم يَلْزَم المُخاطَبُ القِيَامَ.
وأما التّقديمُ فممتنعٌ لعدمِ التَّصرف؛ لأنَّ الفِعْلَ صارَ مع الواوِ كفعلٍ آخر ــــــ فكأنَّهما أَحد جُزأي الفِعل فهو كقولك: إلاَّ زيداً قامَ القَوْمُ، فإنَّه امتنع لِمَا ذكرنا.
وأمَّا الكُوفِيُّون فجوابُ كلامِهم إبطالُ النَّصب بالخلاف، وقد أبطَلْناه في مواضِعَ ويدلُّ عليه هاهُنا أن الخلافَ لا يوجبُ النَّصبَ كقولِكَ: ما قامَ زيدٌ لكنَّ عمرُو، وما مررتُ بأحدٍ لكن عمرُو فالخِلافُ هنا مَوجودٌ ولا نَصب، وكذا قولِكَ: قامَ زيدٌ لا عمروُ فإن الخِلافَ موجودٌ والنَّصْبَ غيرُ جائزٍ، ويدلُّ عليه أنَّ الخلافَ معنى والمَعاني لا تعملُ في المَفعولاتِ.
واللهُ أعلمُ بالصّواب.