وقالَ ثَعلبٌ: النّاصبُ له فعلُ أي زيدٌ حلَّ خَلْفَكَ.
وجهُ القولِ الأَولِ: أنَّ الأصلَ عملُ الفعلِ في الظَّرفِ وغيره، ولفظ النّصب باقٍ وهو عمل، ولابدَّ للعملِ من عاملٍ، والعامِلُ في الأَصلِ هو الفَصل، وقد صحَّ معناه هاهُنا فوجَبَ أن يكونَ هو العامِلُ.
فإن قيلَ: لو كانَ الفِعلُ هو العامِلُ لوجَبَ أن يكونَ هناكَ ضميرٌ فاعِلٌ وكانَ يوجِبُ ألا يتعَيَّنَ، بل أيُّ فعلٍ كانَ وَجَبَ أن يقدَّرَ، وعلى هذا كان يجبُ ألاّ يكونَ موضعُ الظّرفِ رفعاً، لأنَّ الفاعلَ مضمرٌ.
والجوابُ: أمَّا لفظُ الظّرف فمَنصوبٌ بـ ((استَقَرَّ))، وهو أَولى من تقديرِ فعلٍ آخرَ لوجهين:
أحدُهما: أنّ الاستقرارَ هو الحُصُوْلُ المُطلق، وغيرُه فعلٌ مُعَيَّنٌ، ولا دلالة في اللَّفظِ على نوعٍ مخصوصٍ من الأفعالِ، بخلافِ الحُصُولِ المُطْلَقِ، فإنَّه مُحتملٌ لجميعِ أنواعِ الفعلِ، وكونُهُ ظَرْفاً يدلُّ على الحُصولِ المُطْلَقِ، أمَّا كونُه مرفوعُ الموضعِ فلوقوعِهِ موقعَ الخبرِ، وهذا من بابِ الجِهَتَيْنِ، وذلك أنَّ انتصابَه لفظاً خلافُ ارتفاعهِ مَوْضِعاً، وكلُّ واحدٍ منهما يقدَّرُ تَقديراً غير تقديرِ الآخرِ، فارتفاعُه لوقوعِهِ موقعَ الخبرِ المرفوعِ، وانتصابُ لفظِهِ بالفعلِ المُقَدَّرِ، فالفعلُ مقدَّرٌ من وجهٍ، وغيرُ مقدَّرٍ من وجهٍ.
قولهم: لو كان المُقَدَّرُ هنا فعلاً لكان هُنا فاعِلٌ.
قلنا: وكذلِكَ نقول فإنّ في الظَّرفِ ضميراً هو فاعلُ استقرَّ انتقل إلى