والثالث: سلّمنا أنه منصوب ب ((مصروف)) ولكن هو ظرف له والظروف يُتساهل في نَصبها فلا يَلزمُ من ذلك جوازُ النَّصبِ في غيرها.

والجواب: أما الأول فجوابه من وجهين:

أحدُهما: أنه لو كان من هذا الموضع لكان مبتدأ والجملة بعده خبر عنه فيلزم من ذلك أن يكونَ فيه ضمير يعود على المبتدأ فيكون الأصل ليس مصروفاً عنهم فيه، وحذفُ العائدِ على المبتدأ من مواضِعِ الضَّرورة.

والثاني: أن ((يومَ)) مضافٌ إلى فعل معرب، والجيد في مثل ذلك إعراب المضاف، ولم يقرأ أحدٌ من القراء ((يومٌ)) _بالرفع_ بخلافِ قوله:

{يومُ ينفع الصادقين} على أن ((يوم ينفع)) معرب بالنّصب وهو ظرفٌ لما دل عليه هذا؛ أي هذا واقعٌ في يوم نفع الصادقين.

وأمَّا نصبُهُ بفعلٍ مُضمَرٍ فلا حاجةَ إليه مع صحَّة عمل مصروفٍ فيه؛ لأن الإضمار على خلاف القياس.

أمَّا كونُه ظرفاً فليس بعلّةٍ لجوازِ إعمال الخبرِ المتأخرِ فيه فإنَّ أحداً لم يفرق بين عمل خبرِ ((ليس)) فيما تقدم عليها بين الظرف وغيره.

والدليل الثاني: أنه فعلٌ جازَ تقديمُ منصوبِهِ على مرفوعِهِ فجازَ تقديمُه عليه ك ((كان)) وأخواتها مثالُ ذلك أن تقولَ: ليس قائماً زيدٌ فتنصب قائماً ب ((ليس)) وهو مقدّم على المرفوع فكذلك إذا تقدّم المنصوب عليها، والجامع بينهما أنَّ تقديمَ المنصوبِ على المرفوع تصرُّفٌ، والتَّصرُّفُ للأفعالِ بحقِّ الأَصلِ، ألا ترى أن ((ما)) الحجازِيَّة لما لم تَكن متصرّفَةً أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015