وبيان ذلك أن ((ما)) للنفي، وهو معنى تحدثه ((ما زال)) وحروف المعاني لها صدر الكلام، فإذا تقدم عليها ما في خبرها بطل استحقاقها للتَّصدُّر، ومن هاهنا لم يجز التَّقديم في ((ما دام)) ولا في أدوات الاستفهام.

فإن قيل: الاعتراض عليه من وجهين:

أحدهما: أن ((ما)) مع ما بعدها صارتا كالكلمة الواحدة ولهذا عُدَّ هذا الكلام إثباتاً لا نفياً، على ما نبينه في حجتنا.

وأمَّا ((ما دام)) ف ((ما)) فيها مصدرية، والفعلُ صلة لها فلذلك لا يجوز تقديم المنصوب عليها لما في ذلك من تقديم الصلة على الموصول.

والثاني: أنَّ ما ذكرتموه ينتقض ب ((لا)) و ((لن)) فإنه يجوز تقديم أخبار هذه الأفعال عليها، وهي مشاركةٌ ل ((ما)) فيما ذكرتم.

فالجواب: أما كون الكلام إثباتاً في المعنى فسيأتي جوابه وأما ((ما دام)) فما ذكروه فيها صحيح، ولكن الجامع بينهما وبين ((ما زال)) اشتركهما في أن كلِّ واحدةٍ منهما يجب تصدرها وتأثيرها فيما بعدها فيمتنع التقديم لهذه العِلّة، وإن اختلفا في جهة على المنع، ولكن الجنس يجمعهما.

وأمَّا النقض فسيأتي الجواب عنه فيما بعد.

وأما حجة الكوفيين: فقد احتجوا بالسماع والقياس.

فمن السماع قول الشاعر:

ورج الفتى للخير ما إن رأيته ... على السن خَيْراً لا يزالُ يَزيدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015