كذلك، ألا ترى أنك لو قلت في قولك: كان زيد قائما كان قائم لم يجز كما لا يجوز في الحال.
والخامس: أن معمول خبر المبتدأ يجوز أن يتقدم عليه كقولك: زيداً عمرو ضرب ف ((زيداً)) منصوب بضرب، وخبر كان لا يجوز فيه ذلك، فلو قلت زيدٌ قائماً زيدٌ كان لم يجز.
والجواب: على ما ذكروه من وجهين جملةً وتفصيلاً:
أمَّا الجملة فإن جميع ما ذكروه من الفروق يدل على أنه ليس بمفعول به حقيقة، ونحن نقول به، فأما التشبيه بالمفعول به فممكن، والفروق المذكورة لا تقدح فيه، ووجه ذلك أن خبرَ كان واقعٌ بعد الفاعل وليس بأحد التوابع، ولا حالاً، ولا استثناءً، ولا تمييزاً، فلم يبق له إلا التشبيه بالمفعول به وهذا غير ممتنع، ألا ترى أن التمييز في نحو قولك:
عندي عشرون درهماً مشبه بالمفعول وليس بحال عند الجميع، وكذلك قولهم: مررت بالرجل الحسن الوجه.
والجواب الثاني: وهو التَّفصيل، فأمَّا كونه منفصلاً ومتصلاً فإِنَّ كلا الأمرين جائز؛ ألا ترى أن قولك: كنته وكنت إياه جائزان ومنه قول أبي الأسود:
دع الخمرَ يشربها الغواة فإنني ... رأيتُ أخاها مغنياً بمكانها