لما لَزِمَ طريقةً واحدةً كان كالاسم وهذا هو الجَواب عن الوَجه الثَّاني على أن صِحّة الواو لا يقَطع بها على الاسم أَلا تراهم قالوا: ((استَحْوَذَ))، و ((استَنْوَقَ الجَمَلُ)) و ((استَتْيَسَتِ الشّاة)) ونحو ذلك.

أمّا عدمُ تصَرفه فلا يدلُّ على كونه اسماً ألا تَرى أن ((نعم)) و ((بئس)) و ((عسى)) أفعال ولا تتصّرف وكان السّببُ في ذلك أنّ فعلَ التّعجب ماضٍ أبداً؛ إذ لا يُتَعَجَّبُ إلا من أمرٍ متحقق، موجودٍ كما أن نِعم وبِئس كذلك.

فإن قيلَ فأنتَ تقولُ: ما أطولَ ما يخرج هذا الصّبي فتحكم على المعنى المستقبل قيل: التَّعجب هنا لأماراتٍ دالة على وجود الأمر في المستقبل، فكأنَّ ذلك موجود الآن، وهذا مثل قوله تَعالى {رُبَّما يَوَدُّ الذين كَفروا} و ((رُبّ)) إنما تَدخل على المَاضِي ولكنْ لما كان خَبرُ الله حَقاً وصِدْقاً جَرى مَجرى المَوجود وأمَّا قولهم: ما أعظمَ الله فالمُراد به شيءٌ عظم الله عندي: ولم يوجب له في نفسه سبحانه تعظيماً لم يكن: وإنما هو دالُّ على أمر ظهرَ للمَخلوق ثمّ إن هذا لازمٌ لهم، كما يَلزمنا فإنّ المَعنى لا يَختلفُ بينَ أن يكونَ اللّفظُ فعلاً أو اسماً ... والله أعلمُ بالصّواب ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015