واحتج الآخرون: بأن ((ما)) لو كانت بمعنى شيءٍ لكانتْ تامةً في نفسها، وذلك غير جائز، لأنّها في غايةِ الإِبهامِ، والإِبهامُ يقتضي الإِيضاح، فأمَّا أن يكونَ تاماً مُستَغْنِياً عن بَيانٍ فلا.

والجوابُ عنه من وجهين:

أحدُهما: أن ((ما)) قد جاءَت تامةً من ذلك قوله تعالى: {فنعما هي} أي فنعمَ شيئاً هي. وقالَ أَبو الحَسَن في قوله تعالى: {فيما نقضهم ميثاقهم} أن ((ما)) بمعنى شيء، ونَقضهم بدلٌ منه، فإذا جاءَت في موضعٍ تامةً لم يستنكر كونها في هذا الموضع.

والوجهُ الثاني: أن جعلها بمعنى ((الذي)) لا يحَصلُ لها إيضاحاً بالعِلّة، لأنّك تُفسر ((الذي)) بقولك: شيءٌ، ولا فرقَ أن يقولَ: شيءُ أحسنَ زيداً، وبين قولك: الذي أحسَنَ زيداً شيءٌ في حقيقةِ الإِبهامِ بل هذا أَوضح، لأنّك بدأتَ بالشّيءِ الواضحِ ثم أَتيت بما يُبْهمُه.

والله أعلمُ بالصَّواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015