الإخبار، فعنى أن يكون الاسمُ هو المخبر عنه، إذ لا يجوز أن تخلو الكلمة من إسنادِ الخبرِ إليها، [كان] الفعلُ والحرفُ والاسمُ لا يُسند إليه خبر ارتفعَ الأخبارُ عن جملةِ الكلامِ، والدَّليلُ على أنه ليس بحدٍّ وإنّما هو علامةُ، وقد اختارَ ذلك عبد القاهر في ((شرح الإِيضاح)) أنَّ هذا اللّفظ يطرد ولا ينعكس. والدَّليل عليه قولك ((إذ)) و ((إذا)) و ((أيّان)) و ((أَين)) وغير ذلك، وأنها أسماء ولا يصحّ الإخبار عنها، فعندَ ذلك يَبطل كونها حدّاً.
والوَجهُ الثّالِثُ: أنَّ قولَكَ: ما جازَ الإخبار عنه لا يُنبئ عن حَقيقةِ وَضعه، وإنّما هو من أحكامِه، ولذلك لو ادَّعى مُدَّعٍ أنّ لفظةُ ((ضَرَبَ)) يصحُّ الإخبار عنها بأن يقول: ضَرَبَ اشتدّ كما تقول: الضَّربُ مشتدّ، لم يصح معارضته بالمنع المُجرَّدِ حتّى يُبيّن وجه الامتناع، والحدُّ لا يَحتاجُ إلى دليلٍ يُقام عليه، لأنَّه لفظُ موضوعُ على المَعنى، ودلالةُ الأَلفاظِ على المَعاني لا تَثُبتُ بالمناسبة والقياس.
فإن قيلَ: ((إذ)) و ((إذا)) ونحوهما يَصحُّ الإخبارُ عنهما من حيثُ إِنَّهما أوقاتُ وأمكنةُ وكلاهما يَصحُ الإخبار عنه وإنما عَرض لها أنّها لا تَقَعُ إلا ظُروفًا فمن حيثُ هي ظروفُ لا يخبرُ عنها، ومن حيثُ هي أوقاتُ وأمكنةُ يصح الإخبار عنها، ألا ترى أنَّك لو قلتَ: طابَ وقتُنا، واتّسع مكانُنا كان خبراً صحيحًا.