الفاعل يُوجِدُ الفعل، والمفعول به يحفظُهُ من حيثُ كان محلاًّ له.

والثالث: أن المفعول قد جُعل فاعلاً في اللّفظ كقولك: مات زيدٌ وطلعت الشّمس ورخص السِّعرُ، وليس كذلك بقيّة الفضلات.

والرابع: أن من الأفعالِ ما اقتصر فيه على المَفعول ولم يُذكر الفاعل كقولك: ((عُنيت بحاجتك))، و ((نُفِست المرأة))، و ((جُنَّ الرجل))، وليس كذلك بقية الفضلات.

واحتجَّ الآخرون بأنَّ الظّرفَ وحرفَ الجَرِّ يعملُ فيهما الفِعل ويجعلان مفعولاً بهما على السَّعة، فصارا كالمفعول به، وكما جازَ أن يُجعل المفعول به قائماً مقامَ الفاعل كذلك هذه الأشياء.

والجوابُ: أنا قد بينا أن المفعولَ به من أشبهَ بالفاعلِ وإذا دعت الحاجةُ إلى نيابة شيء يقامُ مقامَ غيره فأولى ما كان النائب ما هو أشبه بالمنوب عنه.

فإن قيل: يبطل ما ذكرتموه بقولك أعطيت زيداً درهماً، فإذا لم تسم الفاعل جاز أن تقيم الدرهم مقامه، ولا شبهة أن زيداً أشبه بالفاعل إذ كان فاعلاً للأخذ، والدرهم ليس إلا مفعولاً به.

قيلَ: هما في هذه الحالِ متساويان في المفعوليّة، والفِعلُ واصلٌ إليهما على حدٍّ سواء، وقوّةُ المفعول الأَول من طَريقِ المعنى لا من جهةِ اللَّفظِ، ومع هذا فرفع الدِّرهمِ ضَعيفٌ سوّغه أَمن اللّبْسِ.

والله أعلمُ بالصَّواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015