{يَستَفتُونَكَ قُل اللَّه يُفتِيْكُم في الكَلاَلَةِ} ف ((في)) تعلق ب ((يُفتِيْكُمْ)) إذ لو كان مُتعلقاً ((بيستفتونك)) لقالَ يفتيكُم فيها لتقدُّمها تقديراً، وكذلك قوله تَعالى: {آتُوْنِيْ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} أعمل الثَّاني ولو أَعمل الأوَّل لقالَ: أُفرغه، وقالَ تعالى: {هاؤُم اقرَؤُوا كِتَابِيَهْ} ف ((كتابي)) منصوب باقرؤوا لا ب ((هاؤم))، إذ لو كان ب ((هاؤُم)) لقالَ اقرؤوه فإن قيلَ: حُذف المفعول جائزٌ.
قيلَ: ولكن الأَولى أن لا يُحذفَ، لا سيَّما ها هُنا، لأنَّ المفعولَ إذا كان متقدِّماً ذكراً وجبَ أن يعودَ عليه الضَّميرُ، ليتَعَيَّن أن الفعلَ الثاني هو الأَوَّل في المعنى، ولو لم يأتِ بالضمير لجاز أن يتوهَّم أنَّ المفعولَ غيرُ الأولِ، ومما جاءَ في الشِّعرِ قولُ طُفيلٍ الغَنَوِيّ:
وكُمْتاً مدمّاة كأنَّ متونَها ... جَرى فوقَها واستَشعَرَتْ لونَ مُذهبِ