هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)} [الحشر: 19].
والعجبُ كلُّ العجب من غفلةِ من تُعَدُّ لحظاته، وتحصى عليه أَنْفَاسُهُ، ومطايا الليل والنَّهار تُسْرِع به، ولا يتفكر إلى أين يُحْمَلُ؟ ولا إلى أيِّ منزلٍ يُنْقَل؟
وكيفَ تنَامُ العَينُ وهي قَرِيرَةٌ ... ولم تَدْرِ في أَيِّ المَحَلَّينِ تَنْزِلُ؟ (?)
وإذا نزل بأحدهم الموتُ قَلِقَ لِخَرَابِ ذاته، وذهابِ لَذَّاتِه، لا لما سَبَقَ من جناياته، ولا لسُوء منقلبه بعد مماته، فإن خطرت على قلب أحدهم خَطْرةٌ من ذلك اعتمد على العفو والرَّحمة، كأنَّهُ يتيقَّنُ أنَّ ذلك نصيبه ولابدَّ.
فلو أنَّ العاقلَ أحضَرَ ذهنه [ك/127] واستحضَرَ عقله، وسار بفكره، وأَنْعَم (?) النَّظرَ، وتأمَّلَ الآيات = لَفَهِمَ المرادَ من إيجادِه، ولَنَظَرَتْ عينُ الراحِل إلى الطريق، ولأخَذَ المسافرُ في التزوُّدِ، والمريضُ في التداوي.
والحازِمُ يُعِدُّ [لـ] (?) ـما يجوز أن يأتي؛ فما الظنُّ بأمر متيقَّنٍ! كما أنَّه لصِدْقِ إيمانهم، وقوَّةِ إيقانهم، وكأنَّهم يُعَاينُون الأمر، فأَضْحَت ربوعُ الإيمان من أهلها خالية، ومعالِمُهُ على عروشها خاوية.