ناريًّا. ولذلك كانت "الرِّئة" أخفَّ وزنًا منه، وأَسْخَفَ (?) جِرْمًا، ومُمَالةً (?) إلى البياض.
وأمَّا "الطِّحَال" فتتغذَّى بما لَطُف [و] (?) صفَا من الخِلْط الأسود، وانْطَبَخَ في (?) "الشرايين"، فيستريح منه البدن، ويغتذي به "الطِّحَال".
فـ"الطِّحَال" يغتذي بغذاءٍ ألطف من غذاء "الكبد"؛ لأنَّه يرشح إليه من "الشرايين" التي صِفَاقَاتها ثَخِينَةٌ جدًّا. ولأجل سواد تلك الفَضْلَة وكونها عَكِرَة في الأصل، لم يكن لون "الطِّحَال" أحمر ولا مُشْرِقًا.
وأمَّا "الكبد" فتغتذي بدمٍ غليظٍ فاضلٍ، يرشح إليها من "العُرُوق" غير الضَّوَارب، فلجودة غذائها كان لونها أحمر، ولِغِلَظِه كانت كثيفة.
فـ"الكبد" تتغذَّى بدمٍ أحمر غليظٍ، و"الطِّحَال" بدمٍ أسود لطيفٍ، و"الرِّئة" بدمٍ صافٍ مشرِقٍ، في غاية النُّضْجِ، قريبٍ من طبيعة "الرُّوح". فجوهر كلِّ عضوٍ على ما هو عليه صُيِّرَ غذاؤه ملائمًا له، فالغَاذِي شبيهٌ بالمغتذي في طبعه وفعله.
وهذا كما أنَّه حكمة الله -سبحانه- في خلقه فيه جَرَت حكمته في شرعه وأمره، حيث حرَّمَ الأغذية الخبيثة على عباده؛ لأنَّهم إذا اغتذوا