مَصَّ إصْبَعَهُ إشارةً إلى نهاية فَقْرِهِ، وأنَّه بلَغَ منه إلى مَصِّ الأصابع، ومنه قول النَّاس لِمَنْ بلَغَ به الفقرُ غايته: "هو يَمُصُّ أصابِعَهُ".
ويَهْوِي إلى فِيهِ يَمُصُّ بَنَانَهُ ... يُطَالِبُ بالتعجيلِ خَوفَ التشَاغُلِ
ويُعْلِمُهُم: إنِّي فقيرٌ وليس لي ... من القُوتِ شيءٌ غيرُ مَصِّ أَنَامِلي
ونظير هذه الإشارة أنَّه يُحْدِثُ حالَ ولادته، يقول بلسان الحال: لا تُنْكِرُوا إحدَاثَ من استفتح بالحَدَثِ في دار الحَدَث (?)، كذلك كنتم من قبل، وليس العَجَبُ ممَّن أحدَثَ؛ بل العجَبُ ممن يُطَهَّرُ من الحَدَث.
ويُحْدِثُ بين الحاضِرين إشارةً ... إلى أنَّهُ من حادِثٍ ليس يُعْصَمُ [ح/ 135]
يقول: وعندِي بعدَ ذِي أخواتُها ... وما منكُمُ إلَّا وذُو العَرْشِ أَرْحَمُ
ونظير هذه الإشارة أنَّه يضحك بعد الأربعين، وذلك عندما يتعقَّلُ نَفْسَهُ الناطِقَةَ ويدركُها، وفي ذلك قِصَاصٌ من البكاء الذي أصابه عند ولادته. وتأخَّرَ بعده؛ لئلَّا يَيْأَس (?) العبدُ إذا أصابته شدَّةٌ، فالفَرَجُ كامِنٌ بِطَيِّهَا في آثارها.
ويَضْحَكُ بعدَ الأربعين إشارةً ... إلى فَرَجٍ وَافَاهُ بعدَ الشَّدَائدِ
يقولُ: هي الدنيا، فَتُبْكِيكَ مرَّةً ... وتُضْحِكُ أخرى، فاصْطَبِرْ للعوائِدِ