خمسٍ وأربعين ليلة، فيقول: أَي رَبِّ أشقيٌّ أم سعيدٌ؟ فيكتبان، فيقول: أي رَبِّ، أَذَكَرٌ أو أنثى؟ فيكتبان، ويكْتَبُ عملُه، وأَثَرُه، وأَجَلُه، ورزْقُه، ثُمَّ تُطْوَى الصحيفة، فلا يُزَادُ فيها ولا يُنْقَصُ"؟
قيل: نتلقَّاهُ بالقبول والتصديق، وترك التحريف، ولا ينافى شيئًا ممَّا ذكرناه، إذ غاية ما فيه أنَّ هذا التقدير وقع بعد الأربعين الأُولَى، وحديث ابن مسعود يدلُّ على أَنَّه وقع بعد الأربعين الثالثة، وكلاهما حقٌّ؛ فإنَّ هذا تقديرٌ بعد تقدير:
فالأوَّل: تقديرٌ (?) عند انتقال "النُّطْفَة" إلى أوَّل أطوار التخليق التي هي أوَّل مراتب الإنسان، وما قبل ذلك فلم يتعلَّق بها التخليق (?).
والتقدير الثاني: تقديرٌ عند كمال خلقه ونفخ "الرُّوح".
فذاك تقديرٌ عند أوَّل خَلْقه وتصويره، وهذا تقديرٌ عند تمام خَلْقه وتَصَوُّرِه.
وهذا أحسن من جواب من قال: إنَّ المراد بهذه الأربعين -التي في حديث حذيفة- الأربعينُ الثالثة! وهذا بعيدٌ جدًّا من لفظ الحديث، ولفظه يَأْبَاهُ كلَّ الإباء، فتأمَّلْهُ (?).