الأجزاء في نفسه؟
قيل: القول الأَوَّل هو الصواب، ويدلُّ عليه وجوه:
منها عموم اللذَّة بجميع أجزاء البدن.
ومنها مشاكلة أعضاء المولود لأعضاء الوالدين.
ومنها المشابهة الكُلِّية؛ فدلَّ على أنَّ البدن كلَّه أرسل "المَنِيَّ"، ولولا ذلك لكانت المشابهة بحسب مَحَلٍّ واحدٍ. فدلَّ على أنَّ كلَّ عُضْوٍ قد أرسل (?) قِسْطَهُ ونصيبه، فلمَّا انعقد وصَلُبَ ظهرت محاكاته ومشابهته له.
ومنها أنَّ الأمر لو كان كما زعمه أصحاب المقالة الثانية، من أنَّ "المَنِيَّ" جسمٌ واحدٌ متشابهٌ في نفسه لم يتولَّد منه الأعضاء المختلِفَة المتشكِّلة بالأشكال المختلفة؛ لأنَّ القوَّةَ الواحدةَ لا تفعل في المادَّةِ الواحدة إلا فعلًا واحدًا، فدلَّ على أن المادَّةَ في نفسها ليست متشابهة الأجزاء.
ومنها أن "المَنِيَّ" فَضْل الهَضْم الآخر، وذلك إنَّما يكون عند نضج (?) "الدَّم" في العُرُوق، وصيرورته مستعدًّ استعدادًا تامًّا لأن يصير من جوهر الأعضاء.
وكذلك يحصل عقيب استفراغه من الضَّعْف أكثر ممَّا يحصل من استفْراغ أمثاله من "الدَّم"، ولذلك يورث الضَّعْف في جوهر