آخر (?) في الرُّبْع الشَّرْقيِّ، وكوكبٌ آخر في وسط السماء، وكوكبٌ آخر قد مَالَ عن الوسَط، وآخر قد دَنَا من الغروب، وكأنَّ رَقِيبَهُ ينتظر بطلوعه غَيبته.
وأنتَ إذا تأمَّلتَ أحوال هذه الكواكب وجدتها تدلُّ على المَعَاد كما تدلُّ على المبدأ، وتدلُّ على وجود الخالق، وصفات كماله، [ن/83] وربوبيته، وحكمته، ووحدانيته = أعظمَ دلالة.
وكلُّ ما دَلَّ على صفات جلاله ونعوت كماله دلَّ على صِدْق رُسُله، فكما جعل اللهُ -تعالى- النجُومَ هدايةً في طُرق البَرِّ والبحر، فهي هدايةٌ في طُرُق العلم بالخالق -سبحانه- وقدرته، وعلمه، وحكمته، [ز/ 101] والمبدأ، والمَعَاد، والنُّبوَّة.
ودلالتها على هذه المطالب لا تَقْصر عن دلالتها على طُرُق البرِّ والبحر، بل دلالتها للعقول على ذلك أظهرُ من دلالتها على الطُرُقِ الحِسِّيَّةِ، فهي هدايةٌ في هذا وهذا.
فصل
وأمَّا دلالةُ "المُقَسِّماتِ أمرًا" وهم الملائكة؛ فَلأَنَّ ما يُشَاهَد من تدبير العالَم العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ وما لا تشَاهَد إنَّما هو على أيدي الملائكة، فالرَّبُّ -تعالى- يدبِّرُ بهم أمر العالَم، وقد وكَّل بكلِّ عملٍ من الأعمال طائفةً منهم: فوكَّل بالشمس، والقمر، والأفلاك (?)، والنُّجُوم طائفةً منهم، ووكَّل بالقَطْر والسَّحاب طائفةً، ووكَّل بالنَّبَات طائفةً، ووكَّل