فكِدْتُ -ولم أُخْلَقْ مِن الطَّيْرِ- إنْ بَدَا ... سَنَا بَارِقٍ نحْوَ الحِجَازِ أَطِيرُ
فقوله: "ولم أُخْلَق منِ الطير" لرفع استفهام يتوجهُ عليه على سبيل الإنكار لو قال: فكدتُ أَطِيرُ، فيقال له: وهل خُلِقْتَ من الطير؟ فاحترز بهذا الاعتراض.
وعندي أنَّ هذا الاعتراضَ يُفِيدُ غيرَ هذا، وهو قوَّةُ شَوقِهِ ونُزُوعِهِ إلى أرض الحجاز، فأَخْبَر أنَّه كاد يطير على أنَّه أَبْعَدُ شيءٍ من الطيران، فإنَّه لم يُخْلَق من الطير، ولا عَجَبَ طيرانُ من خُلِق من الطير، وإنَّما العَجَبُ طيرانُ من لم يُخْلَق من الطير، لشدَّةِ نُزُوعه وشوقه إلى جهة محبوبه، فتَأمَّلْه.
ومن مواقع الاعتراض: الاعتراضُ بالدعاء، كقول الشاعر (?):
قد كنتُ أَبْكِي وأنتِ رَاضِيَةٌ ... حِذَارَ هذا الصُّدُودِ والغَضَبِ
إنْ تَمَّ ذَا الهَجْرُ يا ظَلُومُ -ولا ... تَمَّ- فَمَا لِي في العَيْشِ من أَرَبِ
وكقول الآخر (?):
إنَ سُلَيْمَى -واللهُ يَكْلَؤُها- ... ضَنَّتْ بشيءٍ ما كَانَ يَرْزَؤُها
وكقول الآخر (?):