تعالى: {لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)}، فجاء هذا الاعتراض في ضمن هذا الاعتراض، ألْطَفَ شيءٍ وأحسَنَهُ موقعًا.
وأحسن ما يقع هذا الاعتراض إذا تضمَّنَ تأكيدًا أو تنبيهًا أو احترازًا، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)} [الأعراف: 42]، فاعترض بين المبتدأ والخبر بقوله: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} لما تضمَّنَهُ ذلك من الاحتراز الرافع (?) لِتَوَهُّمِ مُتَوَهِّمٍ: أنَّ الوعد إنَّما يستحقه من أتى بجميع الصالحات، فرفع ذلك بقوله: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.
وهذا أحسن مِنْ قول مَنْ قال: "إنَّه أَخْبَرَ عن الذين آمنوا، ثُمَّ أخبر عنهم بخبرٍ آخر، فهما خبران عن مُخْبَرٍ واحدٍ"، فإنَّ عدم التكليف فوق الوسْع لا يَخْتَصُّ [بِـ] (?) الذين آمنوا، بل هو حكمٌ شامِلٌ لجميع الخلق، مَعَ ما في هذا التقدير من إخلاء جملة الخبر عن الرابط، وتقدير صفةٍ محذوفةٍ -أي: نَفْسًا منهم-، وتعطيل هذه الفائدة الجليلة.
ومن أَلْطَفِ الاعتراضِ وأحسَنِهِ قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} [النحل: 57]، فاعترض بقوله: {سُبْحَانَهُ} بين الجَعْلَين.
وفوائد الاعتراض تختلف بحسب قَصْدِ المتكلِّم، وسياق الكلام، من قَصْدِ الاعتناء، والتقرير، والتوكيد، وتعظيم المُقْسَم به، والمخبر