فصل: تفاوت الأقلام في الرتب

قلم القدر الذي كتبت به مقادير الخلائق هو أجل الأقلام وأعلاها

العظيمة على أنَّه الضعيف الوحيد، ويَخَافُ سَطْوَتَهُ وبأسَهُ ذو البأس الشديد، وبالأقلام تُدَبَّرُ الأقاليمُ، وتُسَاسُ الممالك.

و"القَلَمُ" لسانُ الضمير، يناجيه بما استتر عن الأسماع، فيَنْسِجُ حُلَلَ المعاني في الطرفين فتعود أحسنَ من (?) الوَشْي المرقوم، ويُودِعُها (?) حِكَمَهُ فتصير موارد الفهوم، والأقلام نظامًا للأفهام.

وكما أنَّ "اللِّسَان" بريد "القلب" فـ"القَلَمُ" بريد "اللِّسَان"، وتولُّدُ الحروف المسموعة عن "اللِّسان" كتولُّدِ الحروف المكتوبة عن "القَلَمِ"، و"القَلَمُ" بريدُ "القلب"، ورسولُه، وترجمانُه، ولسانُه الصامت.

فصل

والأقلامُ متفاوِتةٌ في الرُّتَب، فأعلاها وأجلُّها قَدْرًا: قَلَمُ القَدَرِ السابِقِ؛ الذي كتب الله به مقادير الخلائق، كما في "سنن أبي داود" عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ أوَّلَ ما خلق اللهُ القَلَمَ، فقال له: اكتُبْ، قال: يا رَبِّ؛ وما أكتُبُ؟ قال: اكتُبْ مقادير كلِّ شيءٍ حتَّى تقومَ الساعةُ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015