يُعَرِّجُون عنه.
قال الفرَّاء: "وهذا كما تقول: دعوتني دعوةً لا عِوَج لك عنها" (?).
وقال الزجَّاج: "المعنى: لا عِوَجَ لهم عن دعائه، أي: لا يقدرون إلا على اتباعه وقَصْدِهِ" (?).
فإنْ قلتَ: إذا كان المعنى (لا عوج لهم عن دعوته)، فكيف قال: {لَا عِوَجَ لَهُ}؟
قيل: قالت طائفةٌ: "اللاَّم" بمعنى "عن" (?)، أي: لا عِوَجَ عنه.
وقالت طائفةٌ: المعنى: لا عِوَج لهم عن دعائه، كما قال الزجَّاجُ.
وفي القولين تكلُّفٌ ظاهرٌ.
ولمَّا كانت الدعوة تُسْمِعُ الجميعَ لا تَعْوَجُّ عنهم، وكلُّهم يَؤُمُّ صوتَ الدَّاعي ويتبعه لا يَعْوَجُّ عنه؛ كان مجيء "اللاَّم" منتظِمًا للمعنيين ودالاًّ عليهما، والمعنى: لا عِوَجَ لدعائه؛ لا في إسماعهم إيَّاهُ، ولا في إجابتهم له.
ثُمَّ قال تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [المعارج: 44]، فوَصَفَهم بذُلِّ الظاهر، وهو خشوع الأبصار، وذُلِّ الباطن، وهو ما يرهقهم من الذُلِّ (?) الذي خشعت عنه أبصارهم.