إبراهيم عليهما السلام، وإنَّما هو عينٌ بعد علمٍ، وشُهُودٌ بعد خبرٍ، ومعاينةٌ بعد سماعٍ.

المرتبة الثالثة: مرتبةُ "حَقِّ اليقين"؛ وهي مباشرة الشيء بالإحساس به، كما إذا دخلوا الجنَّةَ وتمتَّعُوا بما فيها. فَهُمْ في الدنيا في مرتبة "علم اليقين"، وفي الموقف حين تُزْلَفُ وتَقْرُبُ منهم حتَّى يُعَاينُوها في مرتبة "عين اليقين"، وإذا دخلوها وباشروا نعيمَها في مرتبة "حقِّ اليقين".

ومباشرةُ المعلوم تارةً تكون بالحواسِّ الظاهرة، وتارةً تكون بالقلب، فلهذا قال: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)} [الحاقة: 51]، فإنَّ القلبَ يباشِرُ الإيمانُ به ويخالِطُهُ (?) كما يُبَاشِرُ بالحواسِّ ما يتعلَّق بها، فحينئذٍ يُخَالِط بشاشته القلوب، ويبقى لها "حقُّ اليقين"، وهذه أعلى مراتب الإيمان وهي "الصدِّيقيَّة" التي تتفاوت (?) فيها مراتب المؤمنين.

وقد ضرب بعض العلماء للمراتب الثلاثِ مثالاً؛ فقال: إذا قال لك مَنْ تَجْزِمُ بصِدْقِه: عندي عَسَلٌ أُرِيد أن أُطْعِمَك منه، فصدَّقْتَهُ؛ كان ذلك "علم اليقين"، فإذا أحضره بين يديك صار ذلك "عين اليقين"، فإذا ذُقْتَهُ صار ذلك "حقَّ اليقين".

وعلى هذا فليست هذه الإضافة من باب إضافة الموصوف إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015