حال الرسول من كلِّ وجهٍ، بل حالهم من أظهر الأدلَّة على صدق الرسول.
ومن حكمة الله -سبحانه- أن أخرج مثل هؤلاء إلى الوجود لِيُعْلَم حالُ الكذَّابين وحالُ الصادقين، وكان ظهورهم من أَبْيَنِ الأدلَّة على صدقِ الرُّسُل، والفرقِ بين هؤلاء وبينهم، "فبضِدِّها تَتَبيَّنُ الأشياءُ" (?)، "والضدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضدُّ" (?)، فمعرفة أدلَّةِ البَاطل وشُبَهِهِ من أنواع أدلَّة الحقِّ وبراهينه.
فلمَّا سمع ذلك قال: معاذَ الله؛ لا نقول إنَّه مَلِكٌ ظالِمٌ، بل نبيٌّ كريمٌ، من اتَّبعه فهو من السعداء، وكذلك من اتَّبع موسى فهو كمن اتَّبع محمدًا!
قلتُ له: بَطَلَ كلُّ ما تُمَوِّهُون به بعد هذا (?)؛ فإنكم إذا أقررتُم أنَّه نبىٌّ صادِقٌ؛ فلابدَّ من تصديقه في جميع ما أخبر به، وقد عَلِمَ أتباعُهُ وأعداؤُهُ -بالضرورة- أنَّه دعا النَّاس كلَّهم إلى الإيمان به، وأخبر أنَّ مَنْ لم يؤمن به فهو كافرٌ مخلَّدٌ في النَّار، وقاتَلَ من لم يؤمن به من أهل الكتاب، وأَسْجَلَ (?) عليهم بالكفر، واستباح أموالهم ودماءهم ونساءهم