هذا القرآنَ من عند الله، وأنَّه كلامه (?)، وهو أصدق الكلام، وأنَّه حقٌّ ثابتٌ، كما أنَّ سائر الموجودات (?) -ما يُرَى منها وما لا يُرَى- حقٌّ، كما قالَ تعالى: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)} [الذاريات: 23]، أي: إنْ كان نُطْقُكُم حقيقةً، وهو أمرٌ موجودٌ لا تُمَارُون فيه ولا تشكُّون؛ فهكذا ما أخبرتكم به من التوحيد، والمَعَاد، والنُّبوَّة: حَقٌّ، كما في الحديث: "إنَّهُ لَحَقٌّ مثلَ ما (?) أنَّكَ هاهُنا" (?). فكأنَّه -سبحانه- يقول: إنَّ القرآنَ حقٌّ كما أنَّ ما شاهدوه من الخلق وما لا يشاهدونه حقٌّ موجودٌ، بل لو فكَّرتُم فيما تبصرون وفيما لا تبصرون لدلَّكم ذلك على أنَّ القرآنَ حقٌّ، ويكفي الإنسانَ من جميع ما يبصره وما لا يبصره نفسُهُ، ومبدأُ خَلْقِه ونشأته، وما يشاهده من أحواله ظاهرًا وباطنًا، ففي ذلك أَبْيَنُ دلالةٍ على وحدانية الرَّبِّ، وثبوت صفاته،