فصل: ما في القسم بإدبار الليل من الدلالات

ولو شاء -تعالى- لأبْقَى "القَمَرَ" على حالةٍ واحدةٍ لا يتغيَّر، وجعل التغيُّرَ في "الشمس"، ولو شاء لَغَيَّرَهُما معًا، ولو شاء لأبقاهما معًا على حالةٍ واحدةٍ، ولكنْ يُرِي عبادَه آياته في أنواع تصاريفها لِيَدُلَّهُم على أنَّه اللهُ الذي لا إله إلا هو المَلِكُ الحقُّ المُبِينُ، الفعَّالُ لما يريد {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [الأعراف: 54].

وأمَّا تأثير "القَمَرِ" في ترطيب أبدان الحيوان والنَّبات، وفي المياه، وجَزْرِ البحر ومَدِّهِ، وبُحْرَانات (?) الأمراض، وتنقلِها من حالٍ إلى حالٍ، وغير ذلك من المنافع = فأمرٌ ظاهِرٌ.

فصل

وأمَّا إقسامُه -سبحانه- بـ"الليل إذ أدبر" فَلِمَا في إدباره وإقبال النَّهار من أَبْيَنِ الدلالات الظاهرة على المبدأ والمَعَاد، فإنَّه مبدأٌ ومَعَادٌ يوميٌّ مشهودٌ بالعِيَان، بَيْنا الحيوان في سكون الليل وقد هدأت حركاتهم، وسكنت أصواتهم، ونامت عيونهم، وصاروا إخوان الأموات، إذ أقبل من (?) النَّهار دَاعِيه، وأسمعَ الخلائقَ مُنَادِيه، فانتشرت منهم الحركات، وارتفعت منهم الأصوات، حتَّى كأنَّهم قاموا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015