ذلك إليه كنسبة ما يَتَعَالى عنه ممَّا لا يليق به من اتخاذ الولد والشريك ونحو ذلك ممَّا ينكره -سبحانه- على مَنْ حَسِبَهُ أشدَّ الإنكار، فدلَّ على أنَّ ذلك قبيحٌ، مُمْتَنِعٌ نسبته إليه، كما يمتنع أَن يُنْسَب إليه سائر ما ينافي كماله المقدَّس.
ولو كان نَفْيُ تَرْكِهِ سُدَىً إنَّما يُعْلَم بالسمع المجرَّد لم يقل بعد ذلك {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً} [القيامة: 37] إلى آخره، ممَّا يدلُّ على أنَّ تعطيل أسمائه وصفاته ممتنعٌ، وكذلك تعطيل مُوجِبِها ومقتضاها، فإنَّ مُلْكَهُ الحقَّ يستلزم: أمرَهُ، ونهيَهُ، وثوابَهُ، وعقابَهُ.
وكذلك يستلزم إرسالَ رُسُله، وإنزالَ كتبه، وبعثَ العباد ليومٍ يُجْزَى فيه المُحْسِنُ بإحسانه، والمُسيءُ بإساءته، فمن أنكر ذلك فقد أنكر حقيقةَ مُلْكِهِ ولم يُثبِت له المُلْكَ الحقَّ، ولذلك كان مُنْكِر البعث (?) كافرًا بربِّه، وإن زعمَ أنَّه يُقِرُّ بصَانِع العالَم (?)، فلم يُومِن بالمَلِكِ الحقِّ الموصوفِ بصفات الجلال، المستحقِّ لنعوتِ الكمال.
كما أنَّ المعطِّل لكلامه، وعلوِّه على خلقه (?) لم يُؤمِن به سبحانه، فإنَّه آمن بربٍّ لا يتكلَّم، ولا يأمر، ولا ينهى، ولا يصعد إليه قولٌ، ولا عملٌ، ولا ينزل من عنده مَلَكٌ، ولا أمرٌ (?)، ولا نهيٌ، ولا تُرفع إليه الأيدي. ومعلومٌ أنَّ هذا الذي أقَرَّ به رَبٌّ مقدَّر في ذهنه، ليس هو رَبَّ العالمين، وإلهَ المرسلين.