"الرُّقِيُّ"، ومصدر الأوَّل "الرُّقْيَة".
والقول الأوَّل أظهر لوجوه:
أحدها: أنَّه ليس كل ميتٍ يقول حاضروه: من يرقى بروحه؟ وهذا إنَّما يقوله من يؤمن برُقِيِّ الملائكة بروح الميت، وأنَّهم ملائكة رحمة وملائكة عذاب، بخلاف التِمَاسِ الرقية -وهي الدعاء- فإنَّه قلَّ ما يخلو منه المحتضَر.
الثاني: أنَّ "الرُّوح" إنَّما يرقى بها المَلَكُ بعد مفارقتها، وحينئذٍ يقال: مَنْ يَرْقَى بها؟ وأمَّا قبل المفارقة فطلب الرُّقْيَة للمريض من الحاضرين أنْسَب من طَلَبِ عِلْمِ من يَرْقَى بها إلى الله -عزَّ وجلَّ-.
الثالث: أنَّ فاعل الرُّقْيَة يمكن العلم به، فيحسُنُ السؤالُ عنه، ويفيد السامع، وأمَّا الراقي إلى الله -تعالى- فلا يمكن العلم بتعيينه حتَّى يسأل عنه، و"مَنْ" إنَّما يُسأَلُ بها عن تعيين ما يمكن السائل أن يصل إلى العلم بتعيينه.
الرابع: أنَّ مثلَ هذا السؤال إنَّما يراد به تَحْضِيضُ وإثارةُ هِمَمِهِم إلى فعل ما يقع بعد "مَنْ"، كقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]، أو يراد به إنكارُ فعلٍ ما يُذْكَرُ بعدها كقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وفعل الراقي إلى الله لا يحسن فيه واحدٌ من الأمرين هنا، بخلاف فاعل الرُّقْيَة فإنَّه يحسن فيه (?) الأوَّل.
الخامس: أنَّ هذا خرج على عادة العرب وغيرهم في طلب الرُّقْيَة