توضيح المراد باستبعاد الفاجر ليوم القيامة

والأخرى ساكنةٌ، ويعمل بواحدةٍ والأخرى مُعَطَّلَةٌ، وكلُّها في كَفٍّ واحدٍ، قد جمعها ساعِدٌ واحِدٌ، فلو شاء -سبحانه- لسوَّاها فجعلها صفحةً واحدةً كَبَاطِن الكَفِّ، ففاتت هذه المنافع والمصالح التي حصلت بتفريقها، ففي هذا أَعظم الأدلَّة على قدرته -سبحانه- على جمع عظامه بعد الموت.

ثُمَّ أخبر -سبحانه- عن سوء حال الإنسان وإصراره على المعصية والفجور (?)، وأنَّه لا يَرْعَوِي ولا يخاف يومًا يجمع الله فيه عظامه ويبعثه حيًّا، بل هو مريدٌ للفجور ما عاش، فيفجر في الحال، ويريد الفجور في غَدٍ وما بعده، وهذا ضِدُّ الذي يخاف الله والدار الآخرة. فهذا لا يندم على ما مضى منه، ولا يُقْلِعُ في الحال، ولا يعزم في المستقبل على التَّرْك، بل هو عازمٌ على الاستمرار، وهذا ضدُّ حال التائب المنيب.

ثُمَّ نبَّهَ -سبحانه- على الحامل له على ذلك، وهو استبعاده ليوم القيامة، وليس هذا استبعادًا لزمنه مع إقراره بوقوعه، بل هو استبعادٌ لوقوعه كما حكى عنه في موضع آخر قوله: {ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)} [ق: 3] أي: بعيدٌ وقوعُهُ، وليس المراد أنَّه واقعٌ بعيدٌ زَمَنُه؛ هذا قول جماعةٍ من المفسِّرين، منهم ابن عباس وأصحابه.

قال ابن عباس: "يُقَدِّمُ الذَّنْبَ، ويُؤَخِّرُ التوبة" (?).

وقال قتادة، وعكرمة: "قُدُمًا قُدُمًا في معاصي الله، لا يَنْزِعُ عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015