لكنْ هذا الوجه أَلْطَفُ مسلكًا؛ فإنَّ المُقْسَمَ به إذا كان دالاًّ على المُقْسَمِ عليه مستلزِمًا له (?) استغني عن ذِكْرِه بذِكرِه، وهذا غير كونه محذوفًا لدلالة ما بعده عليه؛ فتأمَّلْهُ.
ولعلَّ هذا قول من قال: إنَّه إنَّما أقسَمَ بِرَبِّ هذه الأشياء، وحَذَفَ المُضَاف، فإنَّ هذا معناه صحيحٌ لكن على غير الوجه الذي قَدَّرُوه، فإنَّ إقْسَامَهُ -سبحانه- بهذه الأشياء لظهور دلالتها على ربوبيته، ووحدانيته، وعلمه، وقدرته، وحكمته، فالإقسامُ بها -في الحقيقة- إقسامٌ بربوبيته وصفات كماله، فتأمَّلْهُ.
ثُمَّ قرَّرَ (?) -سبحانه- بعد (?) هذا القَسَم أَمْرَ المَعَاد، ونُبوَّةَ موسى - صلى الله عليه وسلم - المستلزِمة لنُبوَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، إذ من المُحَال أن يكون موسى نبيًّا ومحمدٌ ليس نبيًّا، مع أنَّ كل ما يُثْبِت نُبوَّة موسى فَلِمحمدٍ نظيره أو أعظم منه.
وقَرَّر (?) -سبحانه- تكليمَهُ لموسى بندائه له بنفسه فقال تعالى: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ} [النازعات: 16] فأثبت النِّدَاءَ (?) المستلزِم للكلام والتكليم، وفي موضعٍ آخر (?) أثبت "النِّجَاءَ" (?)، و"النِّدَاءُ" و"النِّجَاءُ" (?) نوعَا