التمثيل.
وأيضًا؛ فكتاب الأبرار في عِلِّيين يشهده المقرَّبُون، فالكتاب مشهودٌ، والمقرَّبُون شاهدون.
والأحسن أن يكون هذا القَسَمُ مستغنيًا عن الجواب (?)؛ لأنَّ القَصْدَ التنبيهُ على المُقْسَم به، وأنَّه من آيات الرَّبِّ العظيمة. ويَبْعُدُ أن يكون الجوابُ: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4)}؛ لأنَّ ذلك دعاءٌ وطلبٌ، ولكنه -سبحانه- ذكر حال أعدائه وأوليائه، فذكر أصحابَ الأخدود الذين فتنوا أولياءه، وعذَّبوهم بالنَّار ذات الوقود (?).
ثُمَّ وصف حالَهم القبيحةَ بأنَّهم قعدوا على جانب الأخدود، شاهدين على ما يجري على عباد الله وأوليائه عِيَانًا، ولا تأخذهم بهم رأفةٌ ولا رحمةٌ، ولم يعيبوا عليهم ذنبًا سِوَى إيمانهم بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض، وهذا الوصف يقتضي إكرامَهُم وتعظيمَهُم ومَحَبَّتَهُم، فعَامَلُوهم بضدِّ ما يقتضي أن يُعامَلُوا به.
وهذا شأن أعداء الله دائمًا، ينقمون على أوليائه ما ينبغي أن يُحَبُّوا ويُكْرَمُوا لأجله، كما قال تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)} [المائدة: 59].