هذا الخيل: خيلُ المجاهدين (?).
والقَسَمُ إنَّما وقع بما تضمَّنه شأن هذه "العاديات" من الآيات البيِّنات من خلق هذا الحيوان الذي هو من أكرم الحيوان البهيم وأشرفه، وهو الذي يحصل به الغَزْوُ (?) والظَّفَر، والنَّصْرُ على الأعداء، فتَعْدُو طالبةً للعَدُوِّ وهاربةً منه، فيُثيرُ عَدْوُها الغُبارَ لشدَّتِهِ، وتُورِي حَوَافِرُها وسَنَابِكُها النَّارَ من الأحجار؛ لشدَّة عَدْوِها، فَتُدْرِكُ الغَارَة التي طَلَبَتْها حتَّى تتوسَّط جَمْعَ الأعداء، فهذه من أعظم آيات الرَّبِّ -تعالى-[ن/ 22] وأدلَّةِ قدرته وحكمته.
فذكَّرَهم بِنعَمِه عليهم في خلق هذا الحيوان الذي ينتصرون به على أعدائهم، ويُدْرِكُون به ثأْرَهم. كما ذكَّرهم -سبحانه- بِنعَمِه (?) عليهم في خلق الإبل التي تحمل (?) أثقالهم من بلدٍ إلى بلدٍ، فالإبلُ أَخَصُّ بحَمْلِ الأثقال، والخيلُ أخصُّ بنُصْرَةِ الرجال، فذكَّرَهم بنعَمِه بهذا وهذا.
وخصَّ الإغارة بالصُّبْح؛ لأنَّ العَدُوَّ لم ينتشروا إذ ذاك، ولم يفارقوا مَحَلَّهم (?)، وأصحاب الإغارة جامُّون مستريحون، يبصرون مواقع الغَارَة، والعَدُوُّ لم يأخذوا أُهْبَتَهم، بل هم في غِرَّتِهم وغَفْلَتِهم، ولهذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادَ الغَارَة صبر حتَّى يطلع الفجر، فإن سمع