أنَّ هذا خطابٌ للإنسان (?)، أي: فما يكذِّبُك بالجزاء والمَعَاد بعد هذا البيان، وهذا البرهان؛ فتقول: إنَّك لا تُبعث، ولا تُحاسب؟! ولو تفكَّرت في مبدأ خَلْقِك، وصورتك، لعلمتَ أنَ الذي خَلَقَك أقدر على إعادتك بعد موتك، ونشأتك خَلْقًا جديدًا من خَلْقِك الأوَّل (?)، وأنَّ ذلك لو أَعْيَاهُ وأَعْجَزَهُ لأعْيَاهُ وأَعْجَزَه خَلْقُك الأوَّل.
وأيضًا؛ فإنَّ الذي كَمَّلَ خَلْقَك في أحسن تقويمٍ بعد (?) أن كنت نطفةً من ماءٍ مهينٍ، كيف يليق به أن يتركَكَ سُدَىً، لا يكمِّلُ ذاتَكَ بالأمر والنهي، وبيانِ ما ينفعُكَ ويضرُّك، ولا يبعثُكَ لدارٍ هي أكمل من هذه الدار، ويجعل هذه الدار طريقًا لك إليها، فحِكْمَةُ أحكمِ [ح/18] الحاكمين تأبَى ذلك، وتقتضي خلافه.
قال منصور (?): قلت لمجاهد: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} عَنَى به محمدًا؟ فقال: "معاذَ اللهِ؛ إنَّما عَنَى به الإنسان" (?).