لماذا جاء القسم في القرآن؟

حيث كانوا يعتقدون أنَّ اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع، ولا تترك شيخًا ولا يافع، الأمر الذي جعلهم يتحفَّظون في أيمانهم، ولا يطرحونها إلا في مواطن الجِدِّ والحزم والصرامة.

وقد نزل القرآن بلغة العرب وعلى أسلوب كلامهم، ومناحي خطابهم، فجاء في أسلوب بيانه من القَسَم ما كان معهودًا عندهم، وخُصَّ بالأمور الجليلة العظمى، وقضايا الإيمان الكبرى.

فإن قيل: إنَّ المتكلِّم إنِّما يحلف ويُقْسِم لحاجته إلى القَسَم واليمين في تأكيد أمرٍ أو تثبيت خبرٍ عند سامعه، أمَّا الله -جلَّ جلاله- فإنَّه غير محتاجٍ إلى ذلك؛ لأنَّه -سبحانه- أحسن حديثًا وأصدق قيلًا.

هذا من جهة المتكلِّم بالقَسَم؛ أمَّا المُلْقَى إليه القَسَم فإنَّه إمَّا أن يكون مؤمنًا؛ فهذا يحمله إيمانه على التصديق بكلام الله -عزَّ وجلَّ- فلا يتوقَّف إيمانه على اليمين لأنَّه قد سلَّم وأيقنَ بما في القرآن. وإمَّا أن يكون كافرًا؛ فهذا لم ينتفع بالحجج والبراهين فكيف ينتفع بالقَسَم واليمين! فآلَ الأمرُ إلى عدم الحاجة إلى الأيمان، ومالا حاجة إليه لا فائدة من وروده! (?)

والجواب من خمسة أوجه:

الأوَّل: ما سبق تقريره من أنَّ هذا جارِ على سَنَن لغة العرب ومألوف لسانها، فليس في وروده في القرآن إغرابٌ في اللغة ولا بمدخولٍ عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015