و"الطَّحْو": هو مَدُّ الأرض وبسطُها (?)، وتوسيعُها ليستقرَّ عليها (?) الأنامُ والحيوانُ، ويمكن فيها البِنَاء (?) والغِرَاس والزرع، وهو متضمِّنٌ لِنُضُوب الماء عنها، وهو مِمَّا حيَّرَ عقولِ الطبائعيين، حيث كان مقتضى الطبيعة أن تَغْمُرَها كثرةُ الماء، فبُروزُ جانب منها عن الماءِ على خلاف مقتضى الطبيعة، وكَوْنُه هذا الجانب المعيَّن دون غيره، مع استواء الجوانب في الشكل الكُري؛ يقتضي تخصيصًا، فلم يجدوا بُدًّا من أن يقولوا: عِنَايةُ الصانع اقتضت (?) ذلك.
قلنا: فنَعَمْ إذًا, ولكن عناية من لا مشيئةَ له، ولا إرادةَ، ولا اختيارَ، ولا علمًا بمعيَّن أصلًا -كما تقولونه فيه-: محالٌ، فعنايته تقتضي ثبوت صفاتِ كماله، ونعوتِ جلاله، وأنَّه الفعَّال يفعل باختياره ما يريد.
وكذلك "النفسُ"؛ أقسمَ بها وبمن سوَّاها، وألهمها فجورها وتقواها، فإنَّ من النَّاس من يقول: هي قديمةٌ لا مبدع لها. ومنهم من يقول: بل هي التي تبدع فجورها وتقواها (?)، فذكر -سبحانه- أنَّه هو الذي سوَّاها وأبدعَها، وأنَّه هو الذي ألهمها الفجور والتقوى.
فأعلمنا أنَّه خالق نفوسنا وأعمالها، وذكر لفظ "التسوية" -كما ذكره في قوله تعالى: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ