{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} [الحجر: 92، 93] , وعلى تباين عملها كقوله: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)} [الليل: 4].
وكلُّ نفسٍ لوَّامةٌ، فالنَّفْسُ السعيدة (?) تلوم على فعلِ الشَّرِّ، وتركِ الخير، فتبادر إلى التوبة، والنَّفْسُ الشَّقِيَّةُ بالضدِّ من ذلك.
وجمع -سبحانه- في القَسَمَ بين: مَحَلِّ الجَزَاءِ وهو يوم القيامة، ومَحَلِّ الكَسْبِ وهو "النَّفْس اللوَّامة".
ونبَّهَ -سبحانه- بكونها "لوَّامَةً" على شِدَة حاجتها وفاقتها وضرورتها إلى من يُعَرِّفُها الخيرَ والشَّرِّ، ويَدُلُها عليه، ويرشدُها إليه، ويُلْهمُها إيَّاه؛ فيجعلَها مريدةً للخير، مُؤثِرةً له، كارهةً للشَّرِّ، مُجَانبةً له، لتَخْلُصَ من اللَّوم، أو من سوء عاقبة ما تلوم عليه.
ولأنَّها متلوِّمةٌ متردِّدةٌ لا تَثبُتُ على حالٍ وِاحدةٍ؛ فهي محتاجةٌ إلى من يُعَرِّفُها ما هو أنفع لها في مَعَاشِها ومَعَادِها فتُؤثِرُهُ، وتَلُومُ نفسَها عليه إذا فاتها، فَتَتُوبُ منه إن كانت سعيدةً، ولتقوم عليها حُجَّةُ عَدْلِهِ، فيكون لَوْمُها في القيامة لنفسها عليه لَوْمًا بِحَقٍّ، قد أعذَر اللهُ خالقُها وفاطرُها إليها فيه.
ففي صفة "اللَّوْم" تنبيهٌ على ضرورتها إلى التصديق بالرِّسَالة والقرآن، وأنَّها لا غنى لها عن ذلك، ولا صلاح ولا فلاح بدونه أَلْبَتَّةَ.
ولمَّا كان يومُ مَعَادِها هو مَحَلُّ ظهور هذا اللَّوْم، وترتُّبِ أثره عليه = قَرَنَ بينهما في الذِّكْرِ.