على غاية اختصارها لها شأن عظيم حتى قال الشافعي رحمه الله لو فكر الناس كلهم فيها لكفتهم

والعصر المقسم به قيل هو أول الوقت الذي يلي المغرب من النهار وقيل هو آخر ساعة من ساعاته وقيل المراد صلاة العصر وأكثر المفسرين على أنه الدهر وهذا هو الراجح وتسمية الدهر عصراً أمر معروف في لغتهم قال:

ولن يلبث العصران يوم وليلة ... إذا طلبا أن يدركا ما تيمما

ويوم وليلة بدل من العصران فأقسم سبحانه بالعصر لمكان العبرة والآية فيه فإن مرور الليل والنهار على تقدير قدرة العزيز العليم منتظم لمصالح العالم على اكمل ترتيب ونظام وتعاقبهما واعتدالهما تارة وأخذ أحدهما من صاحبه تارة واختلافهما في الضوء والظلام والحر والبرد وانتشار الحيوان وسكونه وانقسام العصر إلى القرون والسنين والأشهر والأيام والساعات وما دونها آية من آيات الرب تعالى وبرهان من براهين قدرته وحكمته

فأقسم بالعصر الذي هو زمان أفعال الانسان ومحلها على عاقبة تلك الأفعال وجزائها ونبه بالمبدأ وهو خلق الزمان والفاعلين وأفعالهم على المعاد وأن قدرته كما لم تقصر عن المبدأ لم تقصر عن المعاد وأن حكمته التي اقتضت خلق الزمان وخلق الفاعلين وأفعالهم وجعلها قسمين خيراً وشراً تأبى أن يسوى بينهم وأن لا يجازي المحسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015