فتوحيد المطلوب يعصم من الشرك وتوحيد الطلب يعصم من المعصية وتوحيد الطريق يعصم من البدعة والشيطان إنما ينصب فخه بهذه الطرق الثلاثة
ولما أقام سبحانه الدليل وأنار السبيل وأوضح الحجة وبين المحجة أنذر عباده عذابه الذي أعده لمن كذب خبره وتولى عن طاعته وجعل هذا الصنف من الناس هم أشقاهم كما جعل أسعدهم أهل التقوى والإحسان والإخلاص فهذا الصنف هو الذي يجنب عذابه كما قال {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى} فهذا المتقي المحسن لا يفعل ذلك إلا ابتغاء وجه ربه فهو مخلص في تقواه وإحسانه
وفي الآية الإرشاد إلى أن صاحب التقوى لا ينبغي له أن يتحمل من الخلق ونعمهم وإن حمل منهم شيئاً بادر إلى جزائهم عليه لئلا يتبقى لأحد من الخلق عليه نعمة تجزى فيكون بعد ذلك عمله كله لله وحده ليس للمخلوق جزاء على نعمته
ونبه بقوله {تجزى} على أن نعمة الإسلام التي لرسول الله على هذا الأتقى لا تجزى فإن كل ذي نعمة يمكن جزاء نعمته إلا نعمة الإسلام فإنها لا يمكن المنعم بها عليه أن يجزى بها وهذا يدل على أن الصديق رضي الله عنه أول وأولى من ذكر في هذه الآية وأنه أحق الأمة بها فإن علياً رضي الله عنه تربى في بيت