الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ} وقال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}
فإن قيل فالإعطاء والتقوى والتصديق بالحسنى هي من اليسرى بل هي أصل اليسرى من يسرها للعبد أولاً وكذلك أضدادها
قيل الله سبحانه هو الذي يسر للعبد أسباب الخير والشر وخلق خلقه قسمين أهل سعادة فيسرهم لليسرى وأهل شقاوة فيسرهم للعسرى واستعمل هؤلاء في الأسباب التي خلقوا لغاياتها لا يصلحون لسواها وهؤلاء في الأسباب التي خلقوا لغاياتها لا يصلحون لسواها وحكمته الباهرة تأبى أن يضع عقوبته في موضع لا تصلح له كما يأبى أن يضع كرامته وثوابه في محل لا يصلح لهما ولا يليق بهما بل حكمة آحاد خلقه تأبى ذلك ومن جعل محل المسك والرجيع واحداً فهو من أسفه السفهاء
فإن قيل فلم جعل هذا لا يليق به إلا الكرامة وهذا لا يليق به إلا الإهانة قيل هذا سؤال جاهل لا يستحق الجواب كأنه يقول لم خلق الله كذا وكذا
فإن قيل وعلى هذا فهل لهذا الجاهل من جواب لعله يشفى من جهله قيل نعم شأن الربوبية خلق الأشياء وأضدادها