ومن فسر الحسنى بالجنة فسرها بأعلى أنواع الجزاء وكماله ومن فسرها بالخلف ذكر نوعاً من الجزاء فهذا جزاء دنيوي والجنة الجزاء في الآخرة فرجع التصديق بالحسنى إلى التصديق بالإيمان وجزائه والتحقيق أنها تتناول الأمرين
وتأمل ما اشتملت عليه هذه الكلمات الثلاث وهي الإعطاء والتقوى والتصديق بالحسنى من العلم والعمل وتضمنته من الهدى ودين الحق فإن النفس لها ثلاث قوى قوة البذل والإعطاء وقوة الكف والامتناع وقوة الإدراك والفهم ففيها قوة العلم والشعور ويتبعها قوة الحب والإرادة وقوة البغض والنفرة فهذه القوى الثلاث عليها مدار صلاحها وسعادتها وبفسادها يكون فسادها وشقاوتها ففساد قوة العلم والشعور يوجب له التكذيب بالحسنى وفساد قوة الحب والإرادة يوجب له ترك الإعطاء وفساد قوة البغض والنفرة يوجب له ترك الاتقاء فإذا كملت قوة حبه وإرادته بإعطائه ما أمر به وقوة بغضه ونفرته باتقائه ما نهى عنه وقوة علمه وشعوره بتصديقه بكلمة الإسلام وحقوقها وجزائها فقد زكى نفسه وأعدها لكل حالة يسرى فصارت النفس بذلك ميسرة لليسرى
ولما كان الدين يدور على ثلاث قواعد فعل لمأمور وترك